اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم
السلام عليك يا سيدي ومولاي يا أبا عبدالله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك
عليكم مني جميعاً سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار ..
السلام عليكِ يا سيدتي ومولاتي يا زينب الحوراء السيدة خولة (عليها السلام) بنت الإمام الحسين (عليه السلام) [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] هي خولة ابنة الإمام الحسين (عليه السلام) :
قد يتساءل البعض ما الذي أتى بالسيدة خولة بنت الإمام الحسين (عليه السلام) إلى منطقة بعلبك؟ولماذا قبرها في هذه المنطقة بالذات؟والجواب هو :
أنّه بعد استشهاد الإمام الحسين (ع) في كربلاء ، في اليوم الحادي عشر الذي سُبِيت أخوات وبنات ونساء الإمام الحسين (عليهن السلام) ،
برحلة شاقّة من كربلاء إلى الكوفة ومن الكوفة إلى الشام .
ومن الطبيعي أنّ الرحلة إلى الشام مرّت في بلاد ومناطق كثيرة ،
فركب السبايا سار من حلب وحمص مروراًً بمناطق لبنانية مختلفة ومتعددة ، وصولاً إلى بعلبك ومرجة رأس العين ، حيث مسجد رأس الإمام الحسين (ع) ، وكما هو معروف أنّ القوافل في السابق ونظراً للسفر الطويل في الصحاري ،
كانت تتبع مجاري الأنهار والينابيع مخافة العطش ولسقاية الحيوانات التي كانت معهم ، وكما هو معروف بأنّ المنطقة الممتدة من حلب حتى البقاع غنية بالخضرة وأشجار الفاكهة والأنهار والينابيع ، وبالذات منطقة البقاع وبعلبك ، ولذلك فقد مرروا أتباع يزيد السبايا على هذه المناطق ، وكما يروي لنا التاريخ بأنّ القافلة حطّت برأس العين ، ثمّ بدير الذي يعرف بـ : بدير العذارى القريب من قلعة بعلبك الشهيرة ،
من هنا يتضح لنا سبب دفن السيدة خولة في بعلبك وتحديداً بالقرب من قلعة بعلبك الشهيرة .
نعم شاء الله تعالى أن يُقدّس هذه المنطقة بشذا عبير الطفولة الحُسينية المباركة ، إذ يُقال أنّها طفلة بعمر الثلاث سنوات ، قد توفاها الله بهذه المنطقة بالذات نتيجة السبي والسير الطويل والعطش والتعب .
وتروي السير أيضاً أنّه وطوال مدّة المسير هناك مراقد مُشَرّفة لآل الرسول (ص) وهذا دليل على الوفاة التي كانت تحصل نتيجة ما أصابهم من عذاب وعطش وجوع..
وقد خصّ الله منطقة بعلبك بوجود هذا المرقد الشريف من رائحة الإمام الحسين( ع) العطرة والذي يفوح عبيرها على أرجاء المنطقة بأكملها.
وربَّما يتساءل البعض أيضاً في أي سنَة أُُكتشف قبر السيدة خولة (ع) ، ومن هو الشخص الذي اكتشفه ؟!! و الجواب أنّ الثابت في الروايات أنّ رجلاً من آل جاري صاحب البستان الذي يحوي قبرها الشريف رأى طفلة صغيرة جليلة في منامه ،
فقالت له : (أنا خولة بنت الحسين مدفونة في بستانك) وعَيَّنت له المكان وأمرته بالقول حول الساقية (ساقية مياه رأس العين) عن قبري لأنّ المياه تُؤذيني. فالمياة كانت آسنة ، لكن الرجل لم يلتفت للأمر ، فجاءته ثانية وثالثة ورابعة حتى انتبه الرجل فَزِعاً من هذه الرؤيا ، فهرع عندها للإتصال بنقيب السادة من آل مرتضى في بعلبك وقصَّ عليه الرؤية ،
فذهب النقيب ومن حضر من الأهالي وحفروا المكان المشار إليه ، وإذ بهم أمام قبر يحوي طفلة ما تزال غضة طرية ،
فأزاحوا البلاطات واستخرجوا جسدها المبارك ونقلوها بعيداً عن مجرى الساقية وبنوا فوقه قبَّة صغيرة للدِّلالة عليه .
وما إن ذاع صيت الحادثة التي يعود عمرها لمئتي عام تقريباً حتى توافد إلى زيارة المقام مُحِبّوا أهل البيت (ع) حتى ضاقَّ بهم المكان ، فأصبح مشهدها المبارك مزاراً يأتيه العوام من مختلف المناطق والأطراف والبلاد ا سيّما أيام عاشوراء والأربعين والأعياد والمناسبات .
موقع المقام الجغرافي: يقع مقام السيدة خولة على قطعة أرض ( تبلغ مساحتها حوالي الألف وخمسمائة متر مربع ) عند المدخل الجنوبي لمدينة بعلبك ومقابل مصرف لبنان ، وهي أول ما يُطالعك في هذه المدينة وقلعتها ، ويُحيط بالمقام الذي يُبنى اليوم بأرقى هندسة الأشجار الصنوبرية والحرجية ،
ووسط بناء المقام شجرة سرو مُعمِّرة ونادرة
عمرها يربو على مئات السنين ، وقيل إنَّها واحدة من الأشجار التي زرعت مع بناء القلعة ،
وعشعش في تلك الناحية العصافير ما يُضفي على المقام بهجة ورونقاً نادرين .
وهذا المكان قد سُجّل في مديرية الآثار لما يمتلكه من قيمة أثرية فضلاً على قيمته الدينية والمعنوية ، ويُعَد المكان حجّاً للزوار من كافة المناطق اللُُّبنانية ،
وذاع صيت المقام وكرامة صاحبته التي كانت ضمن ركب السبايا إلى الأمصار العربية والإسلامية ، فصرتَ تجد القاصدين لزيارتها من سوريا وإيران ودول الخليج والدول الإسلامية الأخرى .
وصف المقام وتطوره العمراني :في إطلالة على وصف المقام وتطورهِ العمراني نُلاحظ أنَّ المقام كان عبارة عن بناء حجري مربع (غرفة) طول ضلعه ستة أمتار يحوي الضريح الشريف الذي يضطجع في الزاوية الشمالية الغربية على يمين الداخل ،
وقد أُُقيم فوقه صندوق خشبي مُزخرف بآيات قرآنية وأشكال هندسية يفوح منها شذا القداسة وعطر النبوة ،
وللمقام جدران سميكة تحمل أربعة عقود حجرية مقوّسة تعلوها قبّة حجرية صغيرة ، وقد توسط محراب بسيط الجدار الجنوبي ،
وتُشير البلاطات الخارجية إلى وجود مسجد صغير كان بأزاء المزار الذي تُظلَّله شجرة سرو وهي شجرة قديمة العهد معروفة بنموها البطيء وبإخضرارها الدائم .
وقد قيل عنها أنّها إحدى الشجيرات اليتيمات التي كانت ضمن الجنائن الرومانية الشهيرة والتي كانت مُحيطة بالمعابد الرومانية في العصر الروماني (64 ق.م. عام 330م)
وقيل أيضاً : إنّها زُرعت للدلالة أو العلامة
وكأنّ حولها أو قربها شيئاً مقصوداً ، إذ يتردد بين العوام أنَّ الإمام زين العابدين (ع) أمر بزرعها للإستدلال من خلالها على ضريح السيدة خولة (ع) .
أمّا الآن فقد تمّ توسعة المقام بمبادرة الخيرين وبمبادرة الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي لها الدور الأكبر في عمارة هذا المقام .
وهو مقام كبير يتألف من قفص حديدي كبير، يتخلل هذا القفص فتحات صغيرة على شكل نوافذ ،
وبداخل هذا القفص اُحتفظ بالقفص الخشبي الصغير والقديم والذي يحتوي بداخله ضريح السيدة خولة (ع) .
وهذا القفص الحديدي مزدان بآيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة وأقوال لأئمة أهل البيت (ع) من جميع الجهات .
الزائر لو نظر إلى جدران المقام العالية لوجَدَ أقوال وأحاديث مُزخرفة بطريقة جميلة تختلط فيها الألوان ، بطريقة تُبهر النظر، حتى كتابة الأقوال والآيات القرآنية فقد كتبت بخطوط عربية مختلفة الأشكال والألوان .
وأمّا في ما يخص الشجرة التي كانت قبل تحسين المقام ملاصقة له مباشرة ، كان الناس يأخذون منها أوراق صغيرة للتبرّك كونها وكما هو معروف لدى العوام بأنّ الإمام زين العابدين (عليه السلام ) هو من زرعها ،
ويحُُكى عن كرامات كثيرة لهذه الشجرة ، فالناس ونظراً لتعلقهم وحبَّهم وإيمانهم بأهل البيت (ع) وبكراماتهم يأخذون أوراق منها لعلاجهم من مختلف الأمراض .
وهذا الأمر كاد أن يُؤدي إلى يباس هذه الشجرة وخسارتها ، ممّّا حدا بالمعنيين والقائمين على المقام وحِفاظاً عليها من اليباس الكامل بأن أحاطوها بقفص زجاجي كبير وعالي يمنع الأيدي من الإقتراب منها ،
أو قطع أوراقها .
أمّا نوع هذه الشجرة فمنهم من يقول : بأنّها من نوع السرو ، وعمرها يعود لمئات السنين ، والبعض من سكان بعلبك يقول بأنّها من نوع اللزاب ، وعلى كلّ حال فهي شجرة ضخمة جدا تخترق المقام نحو الأعلى بسمو وتباهٍ .
ويوجد في داخل المقام أيضاًً صندوق صغير للتبرعات والصدقات وذلك للإسهام في تحسين وتوسيع المقام.
وصف المقام من الخارج المقام ذو هندسة رائعة يعلوه مئذنتان كبيرتان مزدانتان بزخارف جميلة جداً ، وكذلك يتميّز المقام بقبته الكبيرة ذات الشكل الدائري باللّّون الأزرق ، بحيث إنّك بمُجرد وصولك على مشارف بعلبك فإنّك ترى المقام شامخاً بقبته الزرقاء ومأذنتيه .. ويوجد على باب المقام زيارة الإستئذان.
وقد بُنيَ طابق ثاني أُُضيف إلى المقام هو عبارة عن مسجد مُلحق بالمقام وهذا المسجد في بنائه قد جارى حركة التوسع التي أُضيفت على المقام ، وذلك تسهيلاً لحركة الزوار عند الإكتظاظ في أوقات الزيارات وإقامة صلوات الجمعة والجماعة. دور المقام في حياة المسلمين كانت المراقد الشريفة لآل بيت الرسول (ص) ولا زالت تلعب دوراً مهماً في حياة المؤمنين في أيٍ مكان كانوا ،
إذ أنّها ملاذاً لأصحاب الحوائج ، والسيدة خولة (ع) هي ريحانة من رياحين أهل البيت (ع) ، لذا من الطبيعي أن يكون مرقدها الشريف معلماًً من معالم الإيمان والنور ، وملاذاً للخائفين ، وملجئاً للتائبين ، من هنا نرى أنّ الزوار الشيعة يتهافتون إلى زيارة السيدة خولة (ع) من مختلف المناطق .
بل ومن مختلف الدول العربية والإسلامية ومن اللافت أنّ زوار السيدة خولة (ع) ليسوا فقط من طائفة دون أخرى فالزوار من مختلف الطوائف ، فكلّ من له حاجة يقصدها ولا سيّما سكان المنطقة ،
وذلك لما لهذه الطفلة من قداسة وكرامة عند ربِّ العالمين ، فالجميع يأتي تبركاً وتوسلاً وتقرُباً إلى الباري تعالى لقبول أعمالهم وقضاء حوائجهم .
فدورها المبارك كبير في حياة المسلمين كافة ، فهي قِبلَة المُحبين ومقصداً لأصحاب الحوائج ، وباباً من أبواب التوبة إلى الله عزَّ وجل .
كراماتها (عليها السلام): أنّه ولدى سماع مجلس عاشوراء في مقام السيدة خولة (ع)
فُوجِئ الناس بالثريا المعلّقة فوق المقام تهتز، وفي هذا الوقت دخلت فتاة سافرة (غير محجبة ، وإذ بها تقف بالباب جامدة ، وبعد لحظات استفاقت ، ومن الطبيعي أن يجتمع الناس حولها لأنّها كانت بحالة شبه إغماء ، فسألوها ما الذي حصل معك ؟! ، فقالت: حضرت السيدة خولة (ع) ووضعت يدها علي ، وقالت لي تستري : (أي ضعي حجاباً على رأسك) .
وقد حصلت مع إحدى قريباتي معجزة من معجزات السيدة خولة ، فقد تزوجت قريبتي وقد مضى على زواجها ما يزيد على الإثني عشر سنة ، وقد حاولت مع الطب كثيراً لكن الطب عجز وهي يأست من إجراء العمليات والوعود ،
فما كان عليها إلّا أن ذهبت إلى طبيبة من نوع آخر طبيبة خصّها الله بكرامة عالية ، وهذه الطبيبة هي السيدة خولة (ع) ،
فذهبت قريبتي إلى مقام السيدة خولة لزيارتها ، وهناك نذرت أنّها إن رُزِقَت بولد ذكر ستُسميه حسين على اسم الإمام الحسين (ع) ، وإن رُزِقَت بفتاة ستُسميها خولة ، وكان نذرها بخشوع وإيمان .
وبعد فترة وبإذن الله حملت هذه المرأة وأنجبت فتاة فأسمتها خولة (ع)على اسم السيدة خولة (ع) ، وللدلالة على هذه الكرامة أنّ قريبتي هذه لم تنجب غير هذه الفتاة ولم تحمل مرَّة ثانية ، فسبحان الله حيث يضع سره .
بعد ذكر هذه الكرامات نُلاحظ أنّ محبة أهل البيت (ع) فطرية ومعنوية موجودة في قلب كلّ شيعي وكلّ مؤمن ، بمنزلة أهل البيت (ع) العظيمة وقربهم من الله سبحانه وتعالى .
ومنهم من يجلس بجانب المرقد الشريف ويطلب من الله قضاء حوائجه ، ومنهم من يقرأ القرآن ويقرأ زيارة السيدة خولة (ع) ثمّ يصلي ركعتين لوجه الله تعالى ويهدي ثوابهما لصاحبة المقام .. فالمقام يشكِّل ناحية عبادية مهمة في حياة الأفراد الذين يزورونها.. وقد سألنا أحد الأشخاص عما يمثِّله له المقام من الناحية العبادية ، فكانت الإجابة بأنّه يشعر بأنّ المقام هو قطعة من كربلاء ، لأنّ صاحبته هي بضعة الإمام الحسين (ع) ، وأنّه يشعر بغربتها وبعدها عن أهلها ، لذا يشعر بخشوع كبير عندما يأتي لتأدية الصلاة داخل المقام . وأخرى أجابت بأنّها عندما ترى أصحاب الحوائج متعلقين بأركان المقام ، وعندما ترى كثرة المصلين فإنّها تشعر بخشوع كبير وقرب من الباري سبحانه وتعالى وكذلك تُعد مجالس عاشوراء التي تقام في كلِّ عام في مرقدها (ع) ملتقىً ثقافياً ودينياً كبيراً يؤثر في حياة الأفراد وعلى المستويات كافة .
هذه هي السيدة خولة وبلمحة موجزة لا تفيها حقّّها ، فهي طفلة من أطفال الإمام الحسين (ع) الذين جار عليهم الزمن ،
وظلمهم طغاة الإستبداد ، ثمّ سبوهم من مكان إلى آخر ، فمنهم من قُتِل مع الإمام الحسين (ع) في كربلاء ، ومنهم من سُبِي وتشرّد مع ركب السبايا الذي سار بهم من بلد إلى آخر ، فمن الطبيعي أن يتعرَّض هؤلاء الأطفال ونتيجة للجوع والعطش إلى المرض ومن ثمّ الموت في الطريق ، وطوال رحلة السبي قد احتوت تراب بلدان كثيرة أجساد هؤلاء الأطهار من فلذات كبد الإمام الحسين (ع) ، والسيدة خولة (ع) واحدة ممّّن شاء الله أن يحتوي تراب بعلبك جسدها الطاهر ليصبح قبرها منارة للقداسة ورمزاًًُ للطهارة.
فالسلام عليك يا سيدتي يا بنت الحسين الشهيد ورحمة الله وبركاته
اللهم ارزقنا زيارتها في الدنيا وشفاعتها في الاخرة