اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم نعزي الإمام الحجة بن الحسن المهدي (عليه السلام )
والمراجع العظام وشيعة أمير المؤمنين (عليه السلام )
بذكرى أستشهاد الإمام جعفر الصادق (عليه السلام ) (روحي لتراب قبره الفــدا )
وعظم الله أجورنا وأجوركم ... أخواني وأخواتي الاعضاء في
منتدى عشاق الزهراء (عليها السلام ) [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وهذه نبذة مختصرة عن حياتــــــه (عليه السلام )
أسمه وكنيته والقابه أسمه :
أما اسمه الشريف فهو ( جعفر ) ، ونص كثير من المؤرخين على أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) هو الذي سماه بهذا الاسم .
كنيته :
وأما كنيته ( عليه السلام ) فهي : أبو عبد الله .
ألقابُه :
لقد لُقِّب الإمام ( عليه السلام ) بألقاب عديدة ، يمثلّ كل منها مظهراً من مظاهر شخصيّته العظيمة ، وإليك بعض هذه الألقاب الكريمة :
الأول : ( الصادق ) :
لقبه بذلك جدّه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، باعتباره أصدق إنسان في حديثه وكلامه ، وروي في العلة التي من أجلها سمي أبو عبد الله جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) بـ( الصادق ) عن علي بن الحسين ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
( إذا وٌلد ابني جعفرٌ بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فَسَمّوه : الصادق ، فإنه سيكون في ولده سَمِيّ له يدَّعي الإمامة بغير حقها ويسمى كذاباً ) .
الثاني : ( الصابر ) :
ولقب ( عليه السلام ) بذلك لأنه صبر على المحن الشاقة والخطوب المريرة التي تجرعها من خصومه الأُمويين والعباسيين .
الثالث : ( الفاضل ) :
لقب ( عليه السلام ) بذلك لأنه كان أفضل أهل زمانه وأعلمهم ، لا في شؤون الشريعة فحسب وإنما في جميع العلوم ، فهو الفاضل وغيره المفضول .
الرابع : ( الطاهر ) :
لأنه ( عليه السلام ) أطهر إنسان في عمله وسلوكه واتجاهاته في عصره .
الخامس : ( عمود الشرف ) :
لقد كان الإمام ( عليه السلام ) عمود الشرف ، وعنوان الفخر والمجد لجميع المسلمين .
السادس : ( القائم ) :
لأنه ( عليه السلام ) كان قائماً بإحياء دين الله ، والذب عن شريعة سيد المرسلين ( صلى الله عليه وآله ) .
السابع : ( الكافل ) :
لأنه ( عليه السلام ) كان كافلا للفقراء والأيتام والمحرومين ، فقد قام بالإنفاق عليهم وإعالتهم .
الثامن : ( المنجي ) :
لأنه ( عليه السلام ) هو المنجي من الضلالة ، فقد هدى من التجأ إليه ، وأنقذ من اتصل به .
أمه الزكيةهي السيدة المهذبة الزكية ( أم فروة ) بنت الفقيه القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وكانت من سيدات النساء عفة وشرفاً وفضلاً ، فقد تربَّت في بيت أبيها وهو من الفضلاء اللامعين في عصره ، كما تلقت الفقه والمعارف الإسلامية من زوجها الإمام الأعظم محمد الباقر ( عليه السلام ) .
وكانت على جانب كبير من الفضل ، حتى أصبحت مرجعاً للسيدات من نساء بلدها وغيره في مهام أمورهن الدينية وحسبها فخراً وشرفاً أنها صارت أمّاً لأعظم إمام من أئمة المسلمين ، وكانت تعامل في بيتها بإجلال واحترام من قبل زوجها ، وباقي أفراد العائلة النبوية .
تواضعه عليه السلامإن من مظاهر شخصية الإمام الصادق ( عليه السلام ) العظيمة نكرانه للذات وحبه للتواضع وهو سيد الناس ، وإمام العباد ، وكان من تواضعِهِ ( عليه السلام ) أنه كان يجلس على الحصير ويرفض الجلوس على الفرش الفاخرة ، وكان ينكر ويشجب المتكبرين .
وحتى أنه قال ذات مرة لرجل من إحدى القبائل : من سيد هذه القبيلة ؟ ، فبادر الرجل قائلاً : أنا ، فأنكر الإمام ( عليه السلام ) ذلك ، وقال له : لو كنت سيدهم ما قلت : أنا .. .
ومن مصاديق تواضعه ونكراته للذات أن رجلا من السواد كان يلازمه ، فافتقده فسأل عنه ، فبادر رجل فقال مستهينا : إنه نبطي ... ، فردَّ عليه الإمام قائلاً : أصل الرجل عقله ، وحسبه ، دينه ، وكرمه ، وتقواه ، والناس في آدم مستوون .
فاستحيى الرجل
شهادة الإمام الصادق عليه السلامقال السيد أبو القاسم علي بن طاووس : إن من العجب أن يبلغ طلب الدنيا بالعبد المخلوق من التراب والنطفة الماء المهين إلى المعاندة لرب العالمين في الإقدام على قتل مولانا الصادق جعفر بن محمد ( صلوات الله عليه ) بعد تكرار الآيات الباهرات ، حتى يكرر إحضاره للقتل سبع دفعات بلغ إليه حب الدنيا حتى عميت لأجله القلوب والعيون ( أفرأيت أن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ) .
تارة يأمر رزام بن مسلم مولى أبي خالد أن يقتل الإمام ( عليه السلام ) وهو في الحيرة ، وتارة يأمر باغتياله مع ابنه موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) .
قال قيس بن ربيع : حدثني أبي الربيع قال :
دعاني المنصور يوماً قال : أما ترى الذي يبلغني عن هذا الحسيني ؟ قلت : ومن هو يا سيدي ؟ قال جعفر بن محمد : والله لأستأصلن شأفته ، ثم دعا بقائد من قواده فقال : انطلق إلى المدينة في ألف رجل فاهجم على جعفر بن محمد وخذ رأسه ورأس ابنه موسى بن جعفر في مسيرك (1) .
وتارة يأمر بإحراق بيته (2) ، ولم يقنع بهذه الأفعال الشنيعة من التعذيب والتشريد حتى شرك في دمه وقتله مسموماً بالعنب .
فدُسَّ إلى الإمام الصادق ( عليه السلام ) السمُّ في زمن الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور الدوانيقي ، فاستشهد ( عليه السلام ) مسموماً في الخامس والعشرين من شوال 148 هـ ، بَعد عُمْرٍ مُلِئَ بالعِلْم والسعي ، والجهاد والفضل ، والتقوى والزُهد .
وقد دافع الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن الحقِّ والعدل ، ودَعَا إلى الله عزَّ وجلَّ ، وقد تمَّ دَفنُ الإمام الصادق ( عليه السلام ) في مقبرة البقيع بالمدينة المنوّرة .
-----------
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الإمام الصادق ( عليه السلام ) في ذمة الخلودوتتابعت المحن على سليل النبوة وعملاق الفكر الإسلامي الإمام الصادق ( عليه السلام ) في عهد المنصور الدوانيقي ، فقد رأى ما قاساه العلويون وشيعتهم من ضروب المحن والبلاء ، وما كابده هو بالذات من صنوف الإرهاق والتنكيل ، فقد كان الطاغية يستدعيه بين فترة وأخرى ، ويقابله بالشتم والتهديد ، ولم يحترم مركزه العلمي وشيخوخته، وانصرافه عن الدنيا إلى العبادة وإشاعة العلم ، ولم يحفل الطاغيه بذلك كله ، فقد كان الإمام شبحاً مخيفاً له ، ونعرض بإيجاز الشؤون الأخيرة من حياة الإمام ووفاته .
أعلن الإمام الصادق ( عليه السلام ) للناس بدنوّ الأجل المحتوم منه ، وإن لقاءه بربّه قريب ، وإليك بعض ما أخبر به :
أولاً : قال شهاب بن عبد ربه : قال لي أبو عبد الله ( عليه السلام ) : ( كيف بك إذا نَعاني إليك محمد بن سليمان ؟ ) ، قال : فلا والله ما عرفت محمد بن سليمان من هو .
فكنت يوماً بالبصرة عند محمد بن سليمان وهو والي البصرة ، إذ ألقى إليَّ كتاباً وقال لي : يا شهاب ، عظَّم الله أجرك وأجرنا في إمامك جعفر بن محمد ، فذكرت الكلام فخنقتني العبرة .
ثانياً : أخبر الإمام ( عليه السلام ) المنصور بدنوِّ أجله لمَّا أراد الطاغية أن يقتله ، فقد قال ( عليه السلام ) له : ( ارفق فو الله لقلَّ ما أصحبك ) ، ثم انصرف عنه .
فقال المنصور لعيسى بن علي : قم اسأله : أبي أم به - وكان يعني الوفاة - ؟ .
فلحقه عيسى وأخبره بمقالة المنصور ، فقال ( عليه السلام ) : ( لا بل بي ) .
وتحقّق ما تنبّأ به الإمام ( عليه السلام ) ، فلم تمضِ فترة يسيرة من الزمن حتى وافته المنية .
كان الإمام الصادق ( عليه السلام ) شجي يعترض في حلق الطاغية الدوانيقي ، فقد ضاق ذرعاً منه ، وقد حكى ذلك لصديقه وصاحب سره محمد بن عبد الله الإسكندري .
يقول محمد : دخلت على المنصور فرأيته مغتمّاً ، فقلت له : ما هذه الفكرة ؟
فقال : يا محمد لقد هلك من أولاد فاطمة ( عليها السلام ) مقدار مائة ويزيدون - وهؤلاء كلهم كانوا قد قتلهم المنصور - ، وبقي سيدهم وإمامهم .
فقلت : من ذلك ؟
فقال : جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) .
وحاول محمد أن يصرفه عنه فقال له : إنه رجل أنحلته العبادة ، واشتغل بالله عن طلب الملاك والخلافة .
ولم يرتض المنصور مقالته فردَّ عليه : يا محمد قد علمتُ أنك تقول به وبإمامته ، ولكن الملك عقيم .
وأخذ الطاغية يضيق على الإمام ( عليه السلام ) ، وأحاط داره بالعيون وهم يسجلون كل بادرة تصدر من الإمام ( عليه السلام ) ويرفعونها له .
وقد حكى الإمام ( عليه السلام ) ما كان يعانيه من الضيق حتى قال : ( عزَّت السلامة ، حتى لقد خفي مطلبها ، فإن تكن في شيء فيوشك أن تكون في الخمول ، فإن طلبت في الخمول فلم توجد فيوشك أن تكون في الصمت ، والسعيد من وجد في نفسه خلوة يشتغل بها ) .
لقد صمَّم على اغتياله غير حافل بالعار والنار ، فدسَّ إليه سمّاً فاتكاً على يد عامله فسقاه به ، ولما تناوله الإمام ( عليه السلام ) تقطَّعت أمعاؤه ، وأخذ يعاني الآلام القاسية ، وأيقن بأن النهاية الأخيرة من حياته قد دنت منه .
ولما شعر الإمام ( عليه السلام ) بدنوِّ الأجل المحتوم منه أوصى بعدَّة وصايا ، كان من بينها ما يلي :
الأولى : أوصى للحسن بن علي المعروف بالأفطس بسبعين ديناراً ، فقال له شخص : أتعطي رجلاً حمل عليك بالشفرة ؟ فقال ( عليه السلام ) له : ( ويحك !! ما تقرأ القرآن ؟! ( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ) ) .
لقد أخلص الإمام ( عليه السلام ) كأعظم ما يكون الإخلاص للدين العظيم ، وآمن بجميع قيمه وأهدافه ، وابتعد عن العواطف والأهواء ، فقد أوصى بالبرِّ لهذا الرجل الذي رام قتله لأن في الإحسان إليه صلة للرحم التي أوصى الله بها .
الثانية : إنه أوصى بوصاياه الخاصة وعهد بأمره أمام الناس إلى خمسة أشخاص : وهم المنصور الدوانيقي ، ومحمد بن سليمان ، وعبد الله ، وولده الإمام موسى ( عليه السلام ) ، وحميدة زوجته .
وإنما أوصى بذلك خوفاً على ولده الإمام الكاظم ( عليه السلام ) من السلطة الجائرة ، وقد تبيَّن ذلك بوضوح بعد وفاته ، فقد كتب المنصور إلى عامله على يثرب بقتل وصي الإمام ( عليه السلام ) ، فكتب إليه : إنه أوصى إلى خمسة وهو – المنصور - أحدهم ، فأجابه المنصور : ليس إلى قتل هؤلاء من سبيل .
الثالثة : إنه أوصى بجميع وصاياه إلى ولده الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، وأوصاه بتجهيزه وغسله وتكفينه والصلاة عليه ، كما نصَّبه إماماً من بعده ، ووجَّه خواص شيعته إليه وأمرهم بلزوم طاعته .
الرابعة : إنه ( عليه السلام ) دعا السيّدة حميدة زوجته ، وأمرها باحضار جماعة من جيرانه ومواليه ، فلما حضروا عنده قال ( عليه السلام ) لهم : ( إن شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة ) .
وأخذ الموت يدنو سريعاً من سليل النبوة ، ورائد النهضة الفكرية في الإسلام ، وفي اللحظات الأخيرة من حياته أخذ يوصي أهل بيته بمكارم الأخلاق ومحاسن الصفات ، ويحذرهم من مخالفة أوامر الله وأحكامه ، كما أخذ يقرأ سوراً وآيات من القرآن الكريم .
ثم ألقى النظرة الأخيرة على ولده الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) وفاضت روحه الزكية إلى بارئها .
لقد كان استشهاد الإمام من الأحداث الخطيرة التي مُني بها العالم الإسلامي في ذلك العصر ، فقد اهتزت لهوله جميع أرجائه ، وارتفعت الصيحة من بيوت الهاشميين وغيرهم وهرعت الناس نحو دار الإمام ( عليه السلام ) وهم ما بين واجم ونائح على فقد الراحل العظيم الذي كان ملاذاً ومفزعاً لجميع المسلمين .
وقام الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) وهو مكلوم القلب ، فأخذ في تجهيز جثمان أبيه ، فغسل الجسد الطاهر ، وكفنه بثوبين شطويين كان يحرم فيهما ، وفي قميص وعمامة كانت لجده الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ، ولفَّه ببرد اشتراه الإمام موسى ( عليه السلام ) بأربعين ديناراً .
وبعد الفراغ من تجهيزه صلى عليه الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) وقد ائتمَّ به مئات المسلمين ، ثم حمل الجثمان المقدس على أطراف الأنامل تحت هالة من التكبير ، وقد غرق الناس بالبكاء وهم يذكرون فضل الإمام ( عليه السلام ) وعائدته على هذه الأمة بما بثَّه من الطاقات العلمية التي شملت جميع أنواع العلم .
وجيء بالجثمان العظيم إلى البقيع المقدس ، فدفن في مقرّه الأخير بجوار جدّه الإمام زين العابدين وأبيه الإمام محمد الباقر ( عليهما السلام ) ، وقد واروا معه العلم والحلم وكل ما يسمو به هذا الكائن الحي من بني الإنسان .
فالسلام عليك يا سيدي ومولاي يا أبا عبدالله يا جعفر الصادق
(روحي وأرواح العالمين لك الفـــدا )